النصوص المقدّسة
ألما ٤٣


الفصل الثالث والأربعون

يكرز ألما وأبناؤه بالكلمة—ينضمّ الزوراميون إلى اللامانيين وكذلك المنشقون الآخرون من النافيين—يخرج اللامانيون لمحاربة النافيين—يسلح موروني النافيين بأسلحة دفاعية—يكشف الرب لألما عن استراتيجية اللامانيين—يدافع النافيون عن بيوتهم وحرياتهم وعائلاتهم ودينهم—يحاصر موروني ولاحي اللامانيين بجيشيهما. حوالي ٧٤ ق.م.

١ وَحَدَثَ أَنَّ أَبْناءَ أَلْما خَرَجوا بَيْنَ النّاسِ لِيُعْلِنوا لَهُمُ الْكَلِمَةَ. وَأَلْما نَفْسُهُ أَيْضًا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَقِفَ عَنِ الْخِدْمَةِ، فَخَرَجَ هُوَ أَيْضًا.

٢ وَلَنْ نَقولَ الْمَزيدَ عَنْ كَرازَتِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُمْ أَعْلَنوا الْكَلِمَةَ وَالْحَقَّ حَسَبَ روحِ النُّبُوَّةِ وَالْوَحْيِ؛ وَكانوا يَكْرِزونَ وَفْقًا لِنِظامِ كَهْنوتِ اللّٰهِ الْمُقَدَّسِ الَّذي مِنْ خِلالِهِ جاءَتْ دَعْوَتُهُمْ لِلْخِدْمَةِ.

٣ وَالْآنَ أَعودُ إِلى رِوايَةِ الْحُروبِ بَيْنَ النّافِيّينَ وَاللّامانِيّينَ في السَّنَةِ الثّامِنَةَ عَشْرَةَ مِنْ حُكْمِ الْقُضاةِ.

٤ فَقَدِ انْضَمَّ الزّورامِيّونَ إِلى اللّامانِيّينَ؛ وَفي مَطْلَعِ الْعامِ الثّامِنَ عَشَرَ رَأى النّافِيّونَ أَنَّ اللّامانِيّينَ خَرَجوا لِقِتالِهِمْ؛ لِذٰلِكَ تَجَهَّزوا لِلْحَرْبِ؛ أَجَلْ، جَمَعوا جُيوشَهُمْ في أَرْضِ جَرْشونَ.

٥ وَكانَ أَنَّ اللّامانِيّينَ خَرَجوا بِالْآلافِ وَدَخَلوا أَرْضَ أَنْتِيونومَ الَّتي هِيَ أَرْضُ الزّورامِيّينَ؛ وَكانَ يَقودُهُمْ رَجُلٌ اسْمُهُ زيراحِمْنَةُ.

٦ وَلِأَنَّ الْأَماليكِيّينَ كانوا يَميلونَ إِلى الشَّرِّ وَالْقَتْلِ أَكْثَرَ مِنَ اللّامانِيّينَ، فَقَدْ عَيَّنَ زيراحِمْنَةُ جَميعَ الْقادَةِ الرَّئيسِيّينَ لِجَيْشِ اللّامانِيّينَ مِنْ بَيْنِ الْأَماليكِيّينَ وَالزّورامِيّينَ.

٧ وَقَدْ فَعَلَ ذٰلِكَ حَتّى يُحافِظَ عَلى كَراهِيَتِهِمْ تُجاهَ النّافِيّينَ، حَتّى يُخْضِعَهُمْ مُحَقِّقًا بِذٰلِكَ هَدَفَهُ.

٨ فَإِنَّ هَدَفَهُ كانَ إِثارَةَ غَضَبِ اللّامانِيّينَ عَلى النّافِيّينَ؛ وَقَدْ فَعَلَ ذٰلِكَ حَتّى يَكونَ لَهُ سُلْطَةٌ عَظيمَةٌ عَلى اللّامانِيّينَ وَأَيْضًا حَتّى يَكونَ لَهُ سُلْطَةٌ عَلى النّافِيّينَ مِنْ خِلالِ اسْتِعْبادِهِمْ.

٩ أَمّا هَدَفُ النّافِيّينَ فَكانَ أَنْ يُحَصِّنوا أَراضِيَهُمْ وَبُيوتَهُمْ وَيُسانِدوا زَوْجاتِهِمْ وَأَبْناءَهُمْ لِيَحْفَظوهُمْ مِنْ أَيْدي أَعْدائِهِمْ وَأَيْضًا لِيَحْفَظوا حُقوقَهُمْ وَامْتِيازاتِهِمْ، أَجَلْ، وَأَيْضًا حُرِّيَّتَهُمْ، حَتّى يَعْبُدوا اللّٰهَ كَيْفَما يَشاءونَ.

١٠ فَإِنَّهُمْ كانوا يَعْلَمونَ أَنَّهُمْ إِذا وَقَعوا في أَيْدي اللّامانِيّينَ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْبُدُ اللّٰهَ بِالرّوحِ وَالْحَقِّ، أَجَلِ، الْإِلٰهَ الْحَقَّ وَالْحَيَّ، كانَ سَيَهْلِكُ عَلى أَيْدي اللّامانِيّينَ.

١١ أَجَلْ، وَكانوا يَعْرِفونَ أَيْضًا بِكَراهِيَةِ اللّامانِيّينَ الشَّديدَةِ لِإِخْوَتِهِمِ الَّذينَ كانوا مِنْ شَعْبِ أَنْتي-نافي-لاحي وَالَّذينَ كانوا يُدْعَوْنَ بِقَوْمِ عَمّونَ؛ وَهُمُ الَّذينَ كانوا يَرْفُضونَ حَمْلَ السِّلاحِ، أَجَلْ، وَهُمُ الَّذينَ دَخَلوا في عَهْدٍ وَامْتَنَعوا عَنْ نَقْضِهِ؛ لِذٰلِكَ، إِنْ حَدَثَ وَوَقَعوا في أَيْدي اللّامانِيّينَ فَإِنَّهُمْ سَيَهْلِكونَ.

١٢ وَلِأَنَّ النّافِيّينَ لَمْ يَكونوا لِيَسْمَحوا بِهَلاكِ قَوْمِ عَمّونَ، فَقَدْ أَعْطَوْهُمْ أَراضِيَ لِميراثِهِمْ.

١٣ وَأَعْطى قَوْمُ عَمّونَ النّافِيّينَ قِسْمًا كَبيرًا مِنْ ثَرْوَتِهِمْ لِدَعْمِ جُيوشِهِمْ؛ وَهٰكَذا فُرِضَ عَلى النّافِيّينَ أَنْ يَتَصَدَوْا وَحْدَهُمْ لِلّامانِيّينَ الَّذينَ كانوا مَزيجًا مَنْ لامانَ وَلَموئيلَ وَأَبْناءِ إِسْماعيلَ وَجَميعِ الَّذينَ انْشَقّوا عَنِ النّافِيّينَ وَهُمُ الْأَماليكِيَّونَ وَالزّورامِيّونَ وَأَحْفادُ كَهَنَةِ نوحٍ.

١٤ وَكانَ عَدَدُهُمْ يُقارِبُ عَدَدَ النّافِيّينَ؛ وَهٰكَذا اضْطُرَّ النّافِيّونَ لِمُواجَهَةِ إِخْوَتِهِمْ حَتّى بِإِراقَةِ الدِّماءِ.

١٥ وَعِنْدَما اجْتَمَعَتْ جُيوشُ اللّامانِيّينَ في أَرْضِ أَنْتِيونومَ، كانَتْ جُيوشُ النّافِيّينَ قَدِ اسْتَعَدَّتْ لِمُواجَهَتِهِمْ في أَرْضِ جَرْشونَ.

١٦ وَأَمّا قائِدُ النّافِيّينَ، أَوِ الرَّجُلُ الَّذي عُيِّنَ لِيَكونَ الْقائِدَ الْعامَّ عَلى النّافِيّينَ، فَكانَ اْسْمُهُ موروني، وَتَوَلّى هٰذا الْقائِدُ الْعامُّ قِيادَةَ جَميعِ جُيوشِ النّافِيّينَ؛

١٧ وَتَوَلّى موروني زِمامَ قِيادَتِهِمْ وَإِدارَةَ حُروبِهِمْ. وَكانَ يَبْلُغُ مِنَ الْعُمْرِ خَمْسَةً وَعِشْرينَ عامًا فَقَطْ عِنْدَما تَمَّ تَعْيينُهُ لِيَكونَ الْقائِدَ الْعامَّ عَلى جَميعِ جُيوشِ النّافِيّينَ.

١٨ وَحَدَثَ أَنَّهُ واجَهَ اللّامانِيّينَ عَلى حُدودِ جَرْشونَ، وَكانَ رِجالُهُ مُتَسَلِّحينَ بِالسُّيوفِ وَالسُّيوفِ الْمَعْقوفَةِ وَجَميعِ أَنْواعِ أَسْلِحَةِ الْحَرْبِ.

١٩ وَرَأَتْ جُيوشُ اللّامانِيّينَ أَنَّ شَعْبَ نافي، أَوْ بِالْأَحْرى موروني، قَدْ جَهَّزَ رِجالَهُ بِدُروعٍ لِصُدورِهِمْ وَلِأَذْرُعِهِمْ وَأَيْضًا بِخُوَذٍ لِحِمايَةِ رُؤوسِهِمْ، وَكانوا يَرْتَدونَ ثِيابًا سَميكَةً أَيْضًا—

٢٠ وَأَمّا جُنودُ زيراحِمْنَةَ فَلَمْ يَكونوا مُسْتَعِدّينَ بِأَيٍّ مِنْ هٰذِهِ الْأَشْياءِ؛ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ سِوى سُيوفِهِمْ وَسُيوفِهِمِ الْمَعْقوفَةِ وَأَقْواسِهِمْ وَسِهامِهِمْ وَحِجارَتِهِمْ وَمَقاليعِهِمْ؛ وَكانوا عُراةً إِلّا مِنْ نِطاقٍ جِلْدِيٍّ يُغَطّي أَحْقاءَهُمْ؛ أَجَلْ، كانوا جَميعًا عُراةً عَدا الزّورامِيّينَ وَالْأَماليكِيّينَ؛

٢١ لٰكِنَّهُمْ لَمْ يَكونوا مُسَلَّحينَ بِدُروعٍ لِصُدورِهِمْ أَوْ بِتُروسٍ—لِذٰلِكَ فَقَدْ كانوا خائِفينَ لِلْغايَةِ مِنْ جُيوشِ النّافِيّينَ بِسَبَبِ دُروعِهِمْ، عَلى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ عَدَدَهُمْ كانَ أَكْبَرَ بِكَثيرٍ مِنْ عَدَدِ النّافِيّينَ.

٢٢ وَكانَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْرُؤوا عَلى الْهُجومِ عَلى النّافِيّينَ عَلى حُدودِ جَرْشونَ؛ لِذٰلِكَ انْسَحَبوا مِنْ أَرْضِ أَنْتِيونُومَ إِلى الْبَرِّيَّةِ وَارْتَحَلوا حَوْلَها في الْبَرِّيَّةِ عِنْدَ مَنْبَعِ نَهْرِ صيدونَ لِيَأْتوا إِلى أَرْضِ مانْتي وَيَسْتَوْلوا عَلَيْها، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْتَرِضوا أَنَّ جُيوشَ موروني سَتَعْلَمُ إِلى أَيْنَ اتَّجَهوا.

٢٣ لٰكِنْ بِمُجَرَّدِ انْسِحابِهِمْ إِلى الْبَرِّيَّةِ أَرْسَلَ موروني جَواسيسَ إِلى الْبَرِّيَّةِ لِيُراقِبوا مُعَسْكَرَهُمْ؛ وَكانَ موروني يَعْلَمُ أَيْضًا بِنُبوءاتِ أَلْما، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رِجالًا راغِبًا مِنْهُ أَنْ يَسْتَعْلِمَ مِنَ الرَّبَّ إِلى أَيْنَ يَجِبُ أَنْ تَذْهَبَ جُيوشُ النافِيّينَ لِلتَّصَدّي لِلّامانِيّينَ.

٢٤ وَجاءَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلى أَلْما، وَأَعْلَمَ أَلْما رُسُلَ موروني بِأَنَّ جُيوشَ اللّامانِيّينَ كانَتْ تَسْلُكُ طَريقًا مُلْتَوِيًا في الْبَرِّيَّةِ حَتّى تَأْتِيَ إِلى أَرْضِ مانْتي لِكَيْ تَبْدَأَ هُجومًا عَلى الْجُزْءِ الْأَضْعَفِ مِنَ الشَّعْبِ. فَرَجَعَ هٰؤُلاءِ الرُّسُلُ وَسَلَّموا الرِّسالَةَ لِموروني.

٢٥ فَتَرَكَ موروني جُزْءًا مِنْ جَيْشِهِ في أَرْضِ جَرْشونَ لِئَلّا يَأْتِيَ قِسْمٌ مِنَ اللّامانِيّينَ وَيَسْتَوْلِيَ بِطَريقَةٍ ما عَلى الْمَدينَةِ، وَأَخَذَ الْجُزْءَ الْمُتَبَقِّيَ مِنْ جَيْشِهِ وَتَقَدَّمَ نَحْوَ أَرْضِ مانْتي.

٢٦ وَجَعَلَ جَميعَ النّاسِ في ذٰلِكَ الْجُزْءِ مِنَ الْأَرْضِ يَجْتَمِعونَ لِلْقِتالِ ضِدَّ اللّامانِيّينَ لِلدِّفاعِ عَنْ أَراضيهِمْ وَبِلادِهِمْ وَعَنْ حُقوقِهِمْ وَحُرِّيّاتِهِمْ؛ لِذٰلِكَ كانوا مُسْتَعِدّينَ عِنْدَ مَجيءِ اللّامانِيّينَ.

٢٧ وَجَعَلَ موروني جَيْشَهُ يُعِدُّ كَمينًا في الْوادي الْقَريبِ مِنْ ضِفَّةِ نَهْرِ صيدونَ وَالَّذي يَقَعُ غَرْبِيَّ نَهْرِ صيدونَ في الْبَرِّيَّةِ.

٢٨ وَفَرَّقَ موروني جَواسيسَ حَوْلَهُ لِيَعْرِفَ مَوْعِدَ وُصولِ مُعَسْكَرِ اللّامانِيّينَ.

٢٩ وَحَيْثُ أَنَّ موروني عَرَفَ نِيَّةَ اللّامانِيّينَ، وَأَنَّ غايَتَهُمْ كانَتْ أَنْ يُهْلِكوا إِخْوَتَهُمْ، أَوْ أَنْ يُخْضِعوهُمْ وَيَسْتَعْبِدوهُمْ حَتّى يَتَمَكَّنوا مِنْ تَأْسِيسِ مَمْلَكَةٍ لِأَنْفُسِهِمْ عَلى جَميعِ أَراضي النّافِيّينَ وَاللّامانِيّينَ؛

٣٠ وَكانَ يَعْلَمُ أَيْضًا بِأَنَّ الرَّغْبَةَ الْوَحيدَةَ لِلنّافِيّينَ هِيَ الْحِفاظُ عَلى أَراضِيهِمْ وَحُرِّيّاتِهِمْ وَكَنيسَتِهِمْ؛ لِذٰلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَرَ خَطيئَةً في الدِّفاعِ عَنْهُمْ بِاسْتِخْدامِ الْحيلَةِ؛ لِذٰلِكَ فَقَدْ عَرَفَ بِواسِطَةِ جَواسيسِهِ الْمَسارَ الَّذي كانَ سَيَسْلُكُهُ اللّامانِيّونَ.

٣١ لِذٰلِكَ قَسَّمَ جَيْشَهُ وَأَحْضَرَ قِسْمًا إِلى الْوادي وَأَخْفاهُ شَرْقِيَّ تَلِّ رِبْلَةَ وَإِلى جَنوبِهِ؛

٣٢ وَأَخْفى الْبَقِيَّةَ في الْوادي الْغَرْبِيِّ، غَرْبِيَّ نَهْرِ صيدونَ وَنُزولًا إِلى حُدودِ أَرْضِ مانْتي.

٣٣ وَهٰكَذا، وَبَعْدَ أَنْ صَفَّ جَيْشَهُ حَسَبَ رَغْبَتِهِ، كانَ مُسْتَعِدًّا لِمواجَهَةِ اللّامانِيّينَ.

٣٤ وَصَعِدَ اللّامانِيّونَ إِلى شَمالِ التَّلِّ حَيْثُ كانَ يَخْتَبِئُ جُزْءٌ مِنْ جَيْشِ موروني.

٣٥ وَحينَ عَبَرَ اللّامانِيّونَ تَلَّ رِبْلَةَ وَدَخَلوا الْوادِيَ وَشَرَعوا في عُبورِ نَهْرِ صيدونَ، تَقَدَّمَ الْجَيْشُ الَّذي كانَ مُخْتَبِئًا جَنوبَ التَّلِّ، وَكانَ يَقودُهُ رَجُلٌ اسْمُهُ لاحي، وَحاصَرَ اللّامانِيّينَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ عِنْدَ مُؤَخَّرَةِ جَيْشِهِمْ.

٣٦ وَعِنْدَما رَأى اللّامانِيّونَ أَنَّ النّافِيّينَ يُهاجِمونَ مُؤَخَّرَتَهُمُ، اسْتَداروا وَبَدَأوا يُحارِبونَ جَيْشَ لاحي.

٣٧ وَبَدَأَ عَمَلُ الْمَوْتِ عَلى كِلا الْجانِبَيْنِ، لٰكِنَّهُ كانَ مُرَوِّعًا أَكْثَرَ عَلى جانِبِ اللّامانِيّينَ، فَإِنَّ عُرْيَهُمْ عَرَّضَهُمْ لِضَرَباتِ النّافِيّينَ الشَّديدَةِ بِسُيوفِهِمِ الْمُسْتَقيمَةِ وَالْمَعْقوفَةِ، وَالَّتي كانَتْ تُسَبِّبُ الْمَوْتَ في كُلِّ ضَرْبَةٍ تَقْريبًا.

٣٨ أَمّا النّافِيّونَ، فَقَدْ كانَ يَسْقُطُ مِنْهُمْ رَجُلٌ بَيْنَ الْحينِ وَالْآخَرِ بِسُيوفِ اللّامانِيّينَ أَوْ بِسَبَبِ النَّزيفِ الْحادِّ، لِأَنَّ أَجْزاءَ الْجِسْمِ الرَّئيسِيَّةَ كانَتْ مَحْمِيَّةً مِنْ ضَرَباتِ اللّامانِيّينَ بِالدُّروعِ الَّتي تَحْمي صُدورَهُمْ وَأَذْرُعَهُمْ وَبِخُوَذِهِمْ؛ وَهٰكَذا واصَلَ النّافِيّونَ عَمَلَ الْمَوْتِ بَيْنَ اللّامانِيّينَ.

٣٩ وَخافَ اللّامانِيّونَ بِسَبَبِ الْهَلاكِ الْعَظيمِ الْواقِعِ بَيْنَهُمْ حَتّى أَنَّهُمْ بَدَأوا يَفِرّونَ نَحْوَ نَهْرِ صيدونَ.

٤٠ فَطارَدَ لاحي وَرِجالُهُ اللّامانِيّينَ، وَدَفَعوهُمْ إِلى مِياهِ نَهْرِ صيدونَ؛ فَعَبَرَ اللّامانِيّونَ مِياهَ صيدونَ. وَأَبْقى لاحي جُنودَهُ عَلى ضِفَّةِ نَهْرِ صيدونَ حَتّى لا يَعْبُروا النَّهْرَ.

٤١ أَمّا موروني وَجُنودُهُ فَقَدِ الْتَقَوْا بِاللّامانِيّينَ في الْوادي عَلى الْجانِبِ الْآخَرِ مِنْ نَهْرِ صيدونَ، وَبَدَأوا يَهْجُمونَ عَلَيْهِمْ وَيَقْتُلونَهُمْ.

٤٢ وَفَرَّ اللّامانِيّونَ مُجَدَّدًا أَمامَهُمْ نَحْوَ أَرْضِ مانْتي؛ وَواجَهَتْهُمْ جُيوشُ موروني مَرَّةً أُخْرى.

٤٣ وَفي هٰذِا الْمَوْقِفِ حارَبَ اللّامانِيّونَ بِشِدَّةٍ؛ أَجَلْ، لَمْ يُعْرَفْ قَطُّ عَنِ اللّامانِيّينَ بِأَنَّهُمْ حارَبوا بِمِثْلِ هٰذِهِ الْقُوَّةِ وَالشَّجاعَةِ الْعَظيمَةِ أَبَدًا، ولا حَتّى مُنْذُ الْبِدايَةِ.

٤٤ وَشَجَّعَهُمُ الزّورامِيّونَ وَالْأَماليكِيّونَ الَّذينَ كانوا قادَتَهُمُ الرَّئيسِيّينَ، كَما شَجَّعَهُمْ زيراحِمْنَةُ الَّذي كانَ قائِدَهُمُ الْعامَّ، أَوْ قائِدَهُمُ الْأَعْلى وَآمِرَهُمْ؛ أَجَلْ، لَقَدْ حارَبوا مِثْلَ التَّنانينِ، وَقَتَلوا الْكَثيرَ مِنَ النّافِيّينَ، أَجَلْ، فَقَدْ شَقّوا الْكَثيرَ مِنْ خُوَذِهِمْ إِلى نِصْفَيْنِ وَاخْتَرَقوا الْكَثيرَ مِنْ دُروعِهِمْ وَبَتَروا الْعَديدَ مِنْ أَذْرُعِهِمْ؛ فَقَدْ سَدَّدَ اللّامانِيّونَ الضَّرَباتِ بِغَضَبٍ شَديدٍ.

٤٥ وَمَعَ ذٰلِكَ كانَ النّافِيّونَ مُلْهَمينَ بِقَضِيَّةٍ أَفْضَلَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُحارِبوا مِنْ أَجْلِ الْمَلَكِيَّةِ أَوِ السُّلْطَةِ بَلْ حارَبوا مِنْ أَجْلِ بُيوتِهِمْ وَحُرِّيّاتِهِمْ وَنِسائِهِمْ وَأَبْنائِهِمْ وَكِلِّ ما لَهُمْ، أَجَلْ، مِنْ أَجْلِ طُقوسِ عِبادَتِهِمْ وَكَنيسَتِهِمْ.

٤٦ وَكانوا يَفْعَلونَ ما يَشْعُرونَ بِأَنَّهُ الْواجِبُ الَّذي يَدينونَ بِهِ لِإِلٰهِهِمْ؛ لِأَنَّ الرَّبَّ قالَ لَهُمْ، وَلِآبائِهِمْ أَيْضًا: بِما أَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَحْتَ دَيْنونَةِ الْخَطيئَةِ الْأولى، وَلا الثّانِيَةِ، فَإِنَّكُمْ يَجِبُ أَلّا تَسْمَحوا لِأَعْدائِكُمْ بِأَنْ يَقْتُلوكُمْ.

٤٧ وَقالَ الرَّبُّ أَيْضًا: عَلَيْكُمْ أَنْ تُدافِعوا عَنْ عائِلاتِكُمْ حَتّى وَلَوْ بِإِراقَةِ الدِّماءِ. لِذٰلِكَ، وَلِأَجْلِ هٰذِهِ الْغايَةِ، كانَ النّافِيّونَ يُقاتِلونَ اللّامانِيّينَ، لِلدِّفاعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَعائِلاتِهِمْ وَأَراضيهِمْ وَبِلادِهِمْ وَحُقوقِهِمْ وَدينِهِمْ.

٤٨ وَعِنْدَما رَأى رِجالُ موروني شَراسَةَ اللّامانِيّينَ وَغَضَبَهُمْ، كانوا عَلى وَشْكِ أَنْ يَتَراجَعوا وَيَفِرّوا أَمامَهُمْ. أَمّا موروني، فَقَدْ أَدْرَكَ نَواياهُمْ، وَأَرْسَلَ وَأَلْهَمَ قُلوبَهُمْ بِهٰذِهِ الْأَفْكارِ، أَجَلِ، الْأَفْكارِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَراضيهِمْ وَحُرِّيَّتِهِمْ، أَجَلْ، حُرِّيَّتِهِمْ مِنَ الْعُبودِيَّةِ.

٤٩ وَكانَ أَنَّهُمُ انْقَلَبوا عَلى اللّامانِيّينَ وَصَرَخوا بِصَوْتٍ واحِدٍ إِلى الرَّبِّ إِلٰهِهِمْ، لِأَجْلِ حُرِّيَّتِهِمْ وَخَلاصِهِمْ مِنَ الْعُبودِيَّةِ.

٥٠ وَبَدَأوا يَتَصَدَّوْنَ لِلّامانِيّينَ بِقُوَّةٍ؛ وَفي تِلْكَ السّاعَةِ نَفْسِها الَّتي صَرَخوا فيها إِلى الرَّبِّ طالِبينَ حُرِّيَّتَهُمْ، بَدَأَ اللّامانِيّونَ يَهْرُبونَ مِنْ أَمامِهِمْ؛ فَهَرَبوا حَتّى إِلى مِياهِ صيدونَ.

٥١ وَكانَ اللّامانِيّونَ أَكْثَرَ عَدَدًا، أَجَلْ، كانوا أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِ عَدَدِ النّافِيّينَ؛ لٰكِنَّهُمْ تَقَهْقَروا حَتّى اجْتَمَعوا في مَجْموعَةٍ واحِدَةٍ في الْوادي عَلى ضِفَّةِ نَهْرِ صيدونَ.

٥٢ وَبِذٰلِكَ أَحاطَتْ بِهِمْ جُيوشُ موروني، أَجَلْ، عَلى جانِبَيِ النَّهْرِ، فَمِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ كانَ رِجالُ لاحي يَمْنَعونَهُمْ مِنَ الْعُبورِ.

٥٣ فَلَمّا رَأى زيراحِمْنَةُ رِجالَ لاحي عَلى شَرْقِ نَهْرِ صيدونَ وَجُيوشَ موروني غَرْبِيَّ نَهْرِ صيدونَ، وَأَنَّهُمْ كانوا مُحاصَرينَ بِالنّافِيّينَ، أَصابَهُمُ الرُّعْبُ.

٥٤ وَعِنْدَما رَأى موروني رُعْبَهُمْ، أَمَرَ رِجالَهُ بِالتَّوَقُّفِ عَنْ إِراقَةِ دِمائِهِمْ.