كِتَابُ نَشِيدِ الأَنْشَادِ
ناظم هذه القصيدة المطولة الرائعة، بوحي من اللّٰه، هو سليمان بن داود؛ ويعود تاريخها إلى القرن العاشر ق. م. يشتمل هذا الكتاب على قصة حب أو على تصوير رائع لعلاقة حب صافٍ بين سليمان وامرأة اسمها شولميث، وقد صاغ سليمان مشاعره في قالب شعري يقوم على الحوار الصالح للغناء أو الإنشاد، لهذا دعي هذا الكتاب بنشيد الأنشاد. أعرب الشاعر في أناشيده هذه عن تلك الأشواق الكامنة بين محبين، وعن الصراعات التي يجب التغلب عليها، وعما أيقظه الحب من أحاسيس رقيقة، وعن السعادة التي يجدها كل حبيب في لقائه بالآخر. إن ”صبايا أورشليم“ اللواتي يظهرن مع سليمان ومحبوبته يضفين مناخاً مسرحياً مؤَثراً على القصة ولاسيما حين يرددن بعضاً من ملاحظاتهن على بعض المواقف.
إن المعنى الظاهر لهذه الأناشيد القصصية هو الحب الإنساني الذي كرسه اللّٰه. وهو حب ممتع ومقدس طالما مارس صاحباه هذا بطاعة كاملة لوصية اللّٰه. فضلاً عن هذا، فإن كثيرين من المفسرين وجدوا في هذا الكتاب رموزاً تشير إلى محبة المسيح للكنيسة، وهذا يتفق مع تعليم العهد الجديد بأن اللّٰه محبة (١ يو ٤:٨).
الفصل ١
١ هَذَا نَشِيدُ الأَنَاشِيدِ لِسُلَيْمَانَ.
٢ (الْمَحْبُوبَةُ): لِيَلْثِمْنِي بِقُبْلاتِ فَمِهِ، لأَنَّ حُبَّكَ أَلَذُّ مِنَ الْخَمْرِ.
٣ رَائِحَةُ عُطُورِكَ شَذِيَّةٌ، وَاسْمُكَ أَرِيجٌ مَسْكُوبٌ؛ لِذَلِكَ أَحَبَّتْكَ الْعَذَارَى.
٤ اجْذُبْنِي وَرَاءَكَ فَنَجْرِيَ، أَدْخَلَنِي الْمَلِكُ إِلَى مَخَادِعِهِ. نَبْتَهِجُ بِكَ وَنَفْرَحُ، وَنَمْدَحُ حُبَّكَ أَكْثَرَ مِنَ الْخَمْرِ، فَالَّذِينَ أَحَبُّوكَ مُحِقُّونَ.
٥ سَمْرَاءُ أَنَا، وَلَكِنَّنِي رَائِعَةُ الْجَمَالِ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ. أَنَا سَمْرَاءُ كَخِيَامِ قِيدَارَ. أَوْ كَسُرَادِقِ سُلَيْمَانَ.
٦ لَا تَنْظُرْنَ إِلَيَّ لأَنَّنِي سَمْرَاءُ، فَإِنَّ الشَّمْسَ قَدْ لَوَّحَتْنِي. إِخْوَتِي قَدْ غَضِبُوا مِنِّي فَأَقَامُونِي حَارِسَةً لِلْكُرُومِ، أَمَّا كَرْمِي فَلَمْ أَنْطُرْهُ.
٧ قُلْ لِي يَا مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، أَيْنَ تَرْعَى قُطْعَانَكَ وَأَيْنَ تُرْبِضُ بِها عِنْدَ الظَّهِيرَةِ؟ فَلِمَاذَا أَكُونُ كَامْرَأَةٍ مُقَنَّعَةٍ، أَتَجَوَّلُ بِجُوَارِ قُطْعَانِ أَصْحَابِكَ؟
٨ (الْمُحِبُّ): إِنْ كُنْتِ لَا تَعْلَمِينَ يَا أَجْمَلَ النِّسَاءِ، فَاقْتَفِي أَثَرَ الْغَنَمِ، وَارْعَيْ جِدَاءَكِ عِنْدَ مَسَاكِنِ الرُّعَاةِ.
٩ إِنِّي أُشَبِّهُكِ يَا حَبِيبَتِي بِفَرَسٍ فِي مَرْكَبَاتِ فِرْعَوْنَ.
١٠ مَا أَجْمَلَ خَدَّيْكِ بِالْحُلِيِّ، وَعُنُقَكِ بِالْقَلائِدِ الذَّهَبِيَّةِ.
١١ سَنَصْنَعُ لَكِ أَقْرَاطاً مِنْ ذَهَبٍ مَعَ جُمَانٍ مِنْ فِضَّةٍ.
١٢ (الْمَحْبُوبَةُ): بَيْنَمَا الْمَلِكُ مُسْتَلْقٍ عَلَى أَرِيكَتِهِ فَاحَ نَارِدِينِي رَائِحَتِهِ.
١٣ حَبِيبِي صُرَّةُ مُرٍّ لِي، هَاجِعٌ بَيْنَ نَهْدَيَّ.
١٤ حَبِيبِي لِي عُنْقُودُ حِنَّاءَ فِي كُرُومِ عَيْنِ جَدْيٍ.
١٥ (المُحِبُّ): كَمْ أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي، كَمْ أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ!
١٦ (الْمَحْبُوبَةُ): كَمْ أَنْتَ وَسِيمٌ يَا حَبِيبِي وَجَذَّابٌ حَقّاً! أَنْتَ حُلْوٌ وَأَرِيكَتُنَا مُخْضَرَّةٌ.
١٧ عَوَارِضُ بَيْتِنَا خَشَبُ أَرْزٍ وَرَوَافِدُنَا خَشَبُ سَرْوٍ.