النصوص المقدّسة
زكريا ١


كِتَابُ زَكَرِيَّا

كان زكريا النبي معاصراً لحجي النبي وقد سجل لنا هذا الكتاب بإرشاد من روح اللّٰه في مستهل سنة ٥٢٠ ق. م. إذ أرسله اللّٰه للمسبيين العائدين من المنفى ليشجعهم على عبادة اللّٰه من غير خوف. يبدأُ الكتاب بسلسلة من ثماني رؤى تصف بلغة تصويرية حية قوة اللّٰه، وتحكمه في شؤُون الناس، وأهمية القوة الروحية، ودينونة اللّٰه للخطيئة، والوعد بأُمور مستقبلية. وأعقب هذه الرؤى بسلسلة من رسائل غير مؤرخة تشتمل على حض عام وعلى ذكر الدينونة الآتية. إن أهم جزء من هذه الرسائل هو النبوءات المتعلقة بمجيء المسيح.

إن النقطة الأساس التي يدور حولها هذا الكتاب هي اهتمام اللّٰه بتدبير وسد حاجات شعبه. يغدق اللّٰه حمايته وخيراته وقوته ونعمته على شعبه أي الذين يؤمنون به. إن حاجتهم العظمى، أي الحاجةَ لمعرفة اللّٰه بصورة أفضل، ستتحقق بإرسال المسيا، الرب يسوع المسيح.

الفصل ١

الدعوة للرجوع إلى الرب

١ فِي الشَّهْرِ الثَّامِنِ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِحُكْمِ دَارِيُّوسَ أَوْحَى الرَّبُّ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ إِلَى النَّبِيِّ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا بْنِ عِدُّو قَائِلاً:

٢ ”لَقَدْ غَضِبَ الرَّبُّ أَشَدَّ الْغَضَبِ عَلَى آبَائِكُمْ.

٣ وَلَكِنْ قُلْ لَهُمْ، هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: ارْجِعُوا إِلَيَّ فَأَرْجِعَ إِلَيْكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ.

٤ وَلا تَكُونُوا كَآبَائِكُمُ الَّذِينَ نَادَاهُمُ الأَنْبِيَاءُ السَّالِفُونَ قَائِلِينَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ، ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الْبَاطِلَةِ وَأَعْمَالِكُمُ الشِّرِّيرَةِ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يُصْغُوا إِلَيَّ، يَقُولُ الرَّبُّ.

٥ أَيْنَ هُمْ آبَاؤُكُمْ؟ وَهَلْ يَحْيَا الأَنْبِيَاءُ إِلَى الأَبَدِ؟

٦ وَلَكِنْ أَلَمْ تُدْرِكْ أَقْوَالِي وَفَرَائِضِي الَّتِي أَمَرْتُ بِها عَبِيدِي الأَنْبِيَاءَ آبَاءَكُمْ فَتَابُوا قَائِلِينَ: لَقَدْ نَفَّذَ الرَّبُّ الْقَدِيرُ مَا عَزَمَ أَنْ يُعَاقِبَنَا بِمُقْتَضَى مَا ارْتَكَبْنَاهُ مِنْ أَعْمَالٍ بَاطِلَةٍ؟“

رجل بين أشجار الآس

٧ وَفِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ الْحَادِي عَشَرَ، أَيْ شَهْرِ شَبَاطَ الْعِبْرِيِّ، مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِحُكْمِ دَارِيُّوسَ أَوْحَى الرَّبُّ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ إِلَى النَّبِيِّ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا بْنِ عِدُّو قَائِلاً:

٨ شَاهَدْتُ فِي رُؤْيَا اللَّيْلِ وَإذَا بِرَجُلٍ يَمْتَطِي فَرَساً أَحْمَرَ اللَّوْنِ يَقِفُ بَيْنَ أَشْجَارِ الآسِ الْمُتَوَارِيَةِ فِي الْوَادِي، وَخَلْفَهُ رِجَالٌ رَاكِبُونَ عَلَى خَيْلٍ حُمْرٍ وَشُقْرٍ وَبِيضٍ.

٩ فَسَأَلْتُ: ”مَنْ هَؤُلاءِ يَا سَيِّدِي؟“ فَأَجَابَنِي الْمَلاكُ الَّذِي كَلَّمَنِي: ”أَنَا أُخْبِرُكَ مَنْ هَؤُلاءِ“.

١٠ قَالَ الْفَارِسُ الْوَاقِفُ بَيْنَ الآسِ: ”هَؤُلاءِ هُمُ الَّذِينَ أَوْفَدَهُمُ الرَّبُّ لِيَجُولُوا فِي الأَرْضِ“.

١١ عِنْدَئِذٍ قَالَ رَاكِبُو الْجِيَادِ لِلْمَلاكِ الْوَاقِفِ بَيْنَ الآسِ: ”قَدْ جُلْنَا فِي الأَرْضِ، فَإِذَا بِها كُلِّهَا آمِنَةٌ مُطْمَئِنَّةٌ“.

١٢ فَقَالَ الْمَلاكُ: ”إِلَى مَتَى أَيُّهَا الرَّبُّ الْقَدِيرُ لَا تُشْفِقُ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَمُدُنِ يَهُوذَا الَّتِي سُخْطْتَ عَلَيْهَا طَوَالَ هَذِهِ السَّبْعِينَ سَنَةً؟“

١٣ فَأَجَابَ الرَّبُّ الْمَلاكَ الَّذِي كَلَّمَنِي، بِعِبَارَاتٍ طَيِّبَةٍ مُعَزِّيَةٍ.

١٤ ثُمَّ خَاطَبَنِي الْمَلاكُ قَائِلاً: ”نَادِ، هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: إِنِّي قَدْ غِرْتُ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَعَلَى صِهْيَوْنَ غَيْرَةً عَظِيمَةً.

١٥ وَلَكِنَّ غَضَبِي مُتَأَجِّجٌ عَلَى الأُمَمِ الْمُتَنَعِّمَةِ. لَقَدِ اغْتَظْتُ قَلِيلاً مِنْ شَعْبِي إِلّا أَنَّهُمْ زَادُوا مِنْ فَوَاجِعِهِمْ.

١٦ لِذَلِكَ يَقُولُ الرَّبُّ سَأَرْجِعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَيْضٍ مِنَ الْمَرَاحِمِ، فَيُبْنَى هَيْكَلِي فِيهَا وَتَعْمُرُ أُورُشَلِيمُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ.

١٧ وَاهْتِفْ أَيْضاً قَائِلاً: هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: سَتَفِيضُ مُدُنِي خَيْراً ثَانِيَةً، وَيَرْجِعُ الرَّبُّ فَيُعَزِّي صِهْيَوْنَ وَيَصْطَفِي أُورُشَلِيمَ“.

القرون الأربعة والصناع الأربعة

١٨ ثُمَّ رَفَعْتُ نَظَرِي وَإذَا بِي أَرَى أَرْبَعَةَ قُرُونٍ.

١٩ فَقُلْتُ لِلْمَلاكِ: ”مَا هَذِهِ؟“ فَأَجَابَ: ”هَذِهِ هِيَ الْقُرُونُ الَّتِي بَدَّدَتْ أَهْلَ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ وَأُورُشَلِيمَ“.

٢٠ وَأَرَانِي الرَّبُّ أَرْبَعَةَ صُنَّاعٍ،

٢١ فَسَأَلْتُ: ”مَا الَّذِي جَاءَ يَفْعَلُهُ هَؤُلاءِ الرِّجَالُ؟“ فَأَجَابَ: ”هَذِهِ هِيَ الْقُرُونُ (أَيِ الأُمَمُ) الَّتِي بَدَّدَتْ أَهْلَ يَهُوذَا حَتَّى ذَلَّتْ كُلُّ نَفْسٍ. أَمَّا هَؤُلاءِ الصُّنَّاعُ فَقَدْ أَقْبَلُوا لِيُوْقِعُوا الرُّعْبَ فِي نُفُوسِ الأُمَمِ الَّتِي هَاجَمَتْ أَرْضَ يَهُوذَا لِيَطْرُدُوا أَهْلَهَا“.